مراجعة لعبة Death Stranding 2: On The Beach

هيديو كوجيما مش مجرد مخرج ألعاب، هو حالة فنية خاصة جدًا. مزيج ما بين سينمائي بيحب التفاصيل المجنونة، وفيلسوف بيستخدم الميكانيكا والسرد عشان يحكي عن الإنسان، والوحدة، والخوف من المستقبل. من Metal Gear لحد Death Stranding، دايمًا عنده قدرة إنه يصدمك، مش بالمناظر أو التقنيات، لكن بالأفكار. كوجيما دايمًا بيحاول يعبر عن نفسه من خلال شخصيات تائهة، عايشة في عوالم فيها تكنولوجيا غريبة وعلاقات إنسانية مكسورة، لكنه عمره ما قالك كل حاجة بشكل مباشر. هو بيفضل يسألك، يخليك تفكر، وتتوه، وتدور على المعنى بنفسك.
الجزء الأول من Death Stranding كان مغامرة استثنائية، لكن مش للجميع. بالنسبة لكتير من الناس، كانت اللعبة تجربة بصرية وفكرية غير مألوفة، بطيئة أحيانًا، وغريبة طوال الوقت. بتلعب بشخصية سام بريدچز، رجل توصيل وسط عالم مفكك بعد كارثة كونية، بيحاول يربط المدن ويسترجع المعنى المفقود للترابط البشري. كانت اللعبة بتسأل من البداية إيه اللي بيخلّي الإنسان إنسان؟ وإزاي ممكن نتواصل وإحنا منقسمين بالشكل ده؟
في Death Stranding 2: On The Beach، هل كوجيما لسه بيحاول يفاجئنا؟ هل هيفضل يكسر قواعد الجيمز؟ ولا المرة دي قرر يبني على اللي عمله قبل كده بس بنضج مختلف؟ هل اللعبة فعلاً “ممتعة” بمعايير الألعاب التقليدية؟ ولا لسه بتلعب على الحافة، بتجرّك لعالم غريب، فيه رسالة، وفيه عزلة، وفيه لحظات مش هتفهمها بسهولة؟ اللي نعرفه، إن كوجيما مش بيعيد نفسه، حتى لما بيرجع لنفس الشخصيات، بيديك نفس الوجوه لكن بروح جديدة. السؤال الحقيقي مش بس إذا كانت اللعبة “كويسة”، لكن إذا كانت تقدر تلمسك… وتغيّرك.
القصة
بتستكمل Death Stranding 2: On The Beach حكاية “سام بريدچز” بعد فترة من العزلة، وهو بيعيش في هدوء نسبي مع “لو” – البيبي من الجزء الأول – اللي بقت دلوقتي طفلة بتتحرك بحرّية. من اللحظات الأولى، بيتضح إن السلام ده مش هيستمر، لأن أحداث مفاجئة بتدفع سام يرجع تاني لحياته القديمة، ويبدأ رحلة جديدة لتوصيل الطرود، المرة دي مش في أمريكا، لكن في مناطق مفتوحة ضخمة في المكسيك وأستراليا.
اللي بيعيد سام للمشهد هي “فراجايل”، صديقته القديمة، اللي بقت شغالة دلوقتي مع منظمة مدنية اسمها “درو بريدچ”، بعيدًا عن الحكومة المركزية. هي اللي بتطلب منه إنه يساعدها يربط المكسيك وأستراليا بشبكة جديدة عبر بوابة اسمها “پليت گيت”، في مقابل إنها تضمن له يرجع لحياته كأب متفرغ بعد ما يخلص المهمة.
لكن الأمور ما بتمشيش ببساطة. خصمه القديم “هيجز” بيرجع في الصورة، بشخصية جديدة وخطة غامضة، وبيهدد سلامة “لو” وبيفقد سام إحساسه بالهدف. الرحلة اللي بتبدأ بالترابط والتحالف، بتتحول لمسار من الانتقام، والحزن، واكتشاف الذات.
أثناء الرحلة، سام بيجمع طاقم على متن سفينة ضخمة اسمها DHV Magellan، قادرة تعوم في تيارات القطران اللي تحت سطح الأرض. بيكوّن نوع من العيلة غير التقليدية، من شخصيات غريبة جدًا لكن مثيرة للاهتمام. منهم دمية بتتكلم باستمرار اسمها “دول مان”، وبنت عندها القدرة على عكس الزمن من خلال المطر، وشخصيات تانية بأسماء زي “تومورو” و”ريني”، كل واحدة فيهم عندها قصة معقدة بتتفتح بالتدريج في مشاهد طويلة وثقيلة بالمعلومات.
فيه لحظات كتيرة من العبث، وسريالية، ودراما إنسانية حقيقية وسط الجنون ده كله. ومن غير ما ندخل تفاصيل حرق، القصة بتاخد منحنيات غير متوقعة وبتطرح تساؤلات عن الخسارة، والهوية، وقدرتنا على المضي قدمًا بعد الألم.
الجيم بلاي
الجيم بلاي في Death Stranding 2 هو تطوير شامل ومتكامل للي شُفناه في الجزء الأول، لكن المرة دي بيقدّم تجربة أوسع، أغنى، وأكتر توازن. اللعبة لسه بتعتمد في الأساس على فكرة التوصيل، بس طريقة التوصيل بقت مليانة عمق وتنوّع يخليك مستمتع بكل لحظة. سام بريدچز مش بس بيرجع لمهمته كـ”بورتَر”، لكنه بيعمل كده بأسلوب مختلف تمامًا، جوّا عالمين مفتوحين ضخمين وهما المكسيك وأستراليا، وكل منطقة منهم ليها طابعها الخاص ومشاكلها اللي بتتحدى قدراتك.
كل توصيلة بقت مغامرة قائمة بذاتها. في البداية بتختار الطريق اللي يناسبك بحرية كاملة، سواء كنت هتمشي وسط الجبال، أو هتستخدم وسيلة نقل، أو حتى تبني طريق جديد بنفسك. اللعبة بتقدملك أدوات كتير جدًا، وكل شوية تخلص مهمة تلاقي أداة جديدة بتنضاف لمجموعة سام زي عربيات النقل، أو المنصات الطافية، أو أجهزة للتسلق. التنوع ده بيخليك تفكر قبل كل رحلة، وتخطط، وتحاول تتفادى الأخطار أو تتعامل معاها لما تظهر فجأة.
واحدة من أقوى الحاجات في الجيمبلاي هي الأحداث العشوائية اللي بتحصل فجأة، واللي بتكسر الروتين. ممكن تكون سايق عربية وفجأة تنفجر قنبلة في الطريق وتلاقي عصابة نازلة تسرق الشحنة. أو ممكن تكون بتتسلّق جبل وفجأة يحصل زلزال ويعمل انهيار ثلجي. اللحظات دي بتخلق توتر جميل، بيخليك دايمًا متحفّز ومستعد، وبتحطك في مواقف لازم تفكر فيها بسرعة، وتلاقي حل بذكاء.
نظام المهمات نفسه فيه تنظيم واضح، بتروح لمحطة، تتكلم مع شخص (عادة هولوجرام)، تستلم الطلب، توصل، ترتاح، وتعيد الكرة. لكن اللعبة بتعرف إزاي تغيّر النمط ده من وقت للتاني، سواء بتغيير البيئة، أو نوع الطلب، أو الطريقة اللي لازم تتعامل بيها مع المهمة. فحتى مع تكرار البنية، كل مهمة بتحمل مغامرة جديدة أو لحظة إنسانية مختلفة.
أما القتال، فبقى عنصر أساسي وممتع بجد. سواء ضد البشر أو الكائنات اللي من العالم الآخر (BTs)، القتال دايمًا فيه إثارة وتحدي. تقدر تلعب بطريقة تسللية وتهجم من ورا، أو تدخل في مواجهة مباشرة بكل الأسلحة اللي معاك. التنويع في الأسلحة كبير، وكل فترة بتاخد أدوات جديدة تغيّر استراتيجيتك في اللعب. كمان الزعماء في اللعبة معمولة بمستوى عالي جدًا، سواء الزعماء العاديين اللي تقابلهم وأنت ماشي في العالم، أو الزعماء اللي ليهم علاقة بالقصة، كل مواجهة معمولة سينمائيًا بشكل يخليك مش عايز تسيب اليد.
كمان لازم نذكر نظام التواصل بين اللاعبين، واللي بيرجع من الجزء الأول لكن بشكل أعمق. وإنت بتلعب، تقدر تلاقي منشآت أو معدات سايبها لاعبين تانيين، وده بيخلي الإحساس بالوحدة في العالم يقل، وبيظهر روح التعاون والإنسانية، حتى من غير ما تشوف الناس دي. بتحس إنك بتبني عالم مش لوحدك، وإنك جزء من شبكة أكبر بتحاول تداوي كسر العالم ده.
الجرافيكس
Death Stranding 2 بتقدّم مستوى بصري مبهر بكل معنى الكلمة. العالم مصمَّم بتفاصيل دقيقة ومذهلة، وبيقدّم مشاهد طبيعية تخطف الأنفاس سواء كنت بتتجوّل وسط صحارى المكسيك أو تعبر الغابات المطيرة أو تتسلّق الجبال الثلجية في أستراليا. اللعبة بتستغل قدرات الـ PS5 لأقصى حد، وده واضح جدًا في نقاء التفاصيل، والإضاءة الواقعية، وكثافة العناصر البيئية من أتربة ومطر وضباب.
التصميم الفني متقن لأبعد الحدود، فيه توازن بين الواقعية والعناصر السريالية اللي بتعكس طابع العالم الفريد اللي بناه كوجيما. سواء كنت بتتفرج على المشهد من فوق قمة جبل أو في لحظة قتال سريعة، الكادرات السينمائية دايمًا مبهرة ومليانة عمق بصري واضح. مافيش أي مشاكل في الرسوم زي تقطيع أو ظهور متأخر للعناصر، كل حاجة بتظهر بسلاسة تامة.
كمان الكاميرا بتسمحلك تضغط الأنالوج اليمن علشان تشوف المشهد من منظور علوي بانورامي، وده بيكشف مدى ضخامة التفاصيل والبيئات اللي انت فيها، وبيخليك تحس بعظمة الرحلة اللي انت جزء منها.
التقييم النهائي
10\10
في نهاية الرحلة، Death Stranding 2: On the Beach بتثبت إنها مش مجرد لعبة، بل تجربة إنسانية نادرة، بتجمع ما بين الجمال البصري والعمق العاطفي والفلسفي. كل خطوة في طريقك، وكل لحظة صمت وسط الطبيعة، وكل نظرة من شخص فقد كتير ولسه بيحاول يكمل، بتخلق حالة مش هتتكرر بسهولة. اللعبة دي مش بتمشي على خطى أي حاجة قبلها، لكنها بتكمل طريق بدأه كوجيما بطريقته الخاصة، وبيطوره هنا بشكل ناضج وواعٍ. عالمها مفتوح بس مش فاضي، حزين بس مش يائس، وأسلوبها بسيط بس مش سطحي. دي لعبة بتطلب منك تمشي… وتفكّر، تبني… وتتواصل، تفشل… وتحاول تاني. وبعد ما توصل للنهاية، هتلاقي نفسك مش بس خلّصت لعبة، لكن كنت جزء من رسالة. Death Stranding 2 هي دعوة إنك “تفضل مكمل”، مهما كان الحمل اللي على ضهرك تقيل. لعبة تسيب فيك أثر، وتفضل شغّالة جواك حتى بعد ما تطفي الجهاز.