فيه ألعاب بتخضّك، وألعاب بتبهرك، وألعاب تانية بتسيب علامة جواك… بس نادر جدًا لما تلاقي لعبة بتقلبلك دماغك حرفيًا، وتخليك مش متأكد إذا كنت بتلعب… ولا اللعبة هي اللي بتلعب بيك. لكن KARMA: The Dark World من أول ثانية، اللعبة بتسحبك جوه حلم أو كابوس أو حالة هلوسة محكومة، مرسومة بلغة بصرية وسينمائية فيها تأثير واضح من أعمال ديفيد لينش، وأجواء قريبة من رواية 1984 لجورج أورويل، بس بتصوّر سوداوي خاص بيها.

اللعبة من تطوير فريق Pollard Studio المستقل في شنغهاي، ونشر Wired Productions، بتصدر اللعبة كأول تجربة فعلية للفريق على الساحة، وده واضح في طموحها البصري والفني الكبير، اللي بيلعب على أوتار التحكم، والمراقبة، وتفكك الهوية وسط عالم صناعي كئيب مبني بمحرك Unreal Engine 5.

فهل KARMA: The Dark World تستحق وقتك؟ هل الغموض والسوداوية والبطء المتعمد جزء من سحرها، ولا مجرد عوائق في الطريق؟ طيب ماتيجوا نشوف؟

القصة

أنا بلعب بدور “دانيال ماكغوفرن”، عميل رقم 8490 في جهاز اسمه “مكتب الفكر”، تابع لكيان اسمه Leviathan Corporation. تخيل إحنا بقى مش في بلد، إحنا في شركة ماسكة الدنيا كلها، بتحكم كل حاجة في نسخة بديلة مظلمة لألمانيا الشرقية سنة 1984. شركة بتحكمك، بتطعمك، وبتفكر مكانك.
الذكاء الاصطناعي “Mother” هو اللي بيدير كل حاجة، من المراقبة لحد تشكيل شخصية المواطن العادي. وأنا مطلوب مني أستخدم جهاز اسمه Braindive، أختَرق بيه عقول الناس اللي مش عاجبة النظام، وأفتّش في ذكرياتهم زي المحقق بس مش في مسرح جريمة، لا… في عقلهم نفسه.

أول مهمة كانت تحقق في باحث اسمه “شان مينديز”، متهم بسرقة بيانات، بس أول ما دخلت عقله حسيت إن في حاجة مش طبيعية. الذكريات مش مترتبة، الرموز غريبة، والناس اللي بشوفهم جوا عقله كأنهم طالعين من كوابيس مش من ماضي.
والمصيبة إن دماغي بدأ يتداخل معاهم بقيت مش عارف هل اللي أنا شايفه ده من دماغه؟ ولا من دماغي أنا؟ واللعبة دي مش بتديك إجابات سهلة دي كل شوية تفتحلك باب جديد لشكوك أكبر.

القصة بتتطور مع الوقت وبتاخد منحنى سوداوي خطير جدًا، بتحس إنك بتغوص أعمق وأعمق من غير ما تلاقي أرض تحت رجلك. استلهمت كتير من رواية 1984 ومن أفلام زي Inception وFight Club، وكأنها دعوة إنك تشك في كل حاجة… حتى نفسك.

الجيم بلاي

اللعبة بتتلعب من منظور الشخص الأول، بس دي مش لعبة أكشن، ولا حتى بقاء. دي تجربة نفسية خالصة، بنسميها نوعًا ما “Walking Simulator”، بس من النوع اللي مخك هو اللي بيتعب فيه مش صوابعك.

أنت بتمشي، بتستكشف، بتحل ألغاز، وبتستخدم جهاز Braindive علشان تدخل عقول ناس تانية. كل عقل بيكون عالم مستقل، بفيزياء مختلفة، ومكان مختلف، وقواعد غير منطقية تمامًا. دخلت مرة عقل واحد، لقيت نفسي في بيت قديم مرسوم كأنه لوحة من الجحيم، ومرة تانية كنت في ممرات إدارية مش بتنتهي وفيها شاشات مراقبة بتراقب بعضها!

اللي أبدعت فيه اللعبة فعلًا هو استخدام الرمزية. الأماكن مش عشوائية، كل مكان بيحكي حاجة، كل لون له معنى، كل زاوية فيها رسالة. ومن وقت للتاني بيظهر “الوحش”… مخلوق مشوه بيجري وراك في لحظات معينة. اللحظات دي بتقلب اللعبة من هدوء نفسي مرعب لهروب عصبي حقيقي، خصوصًا إن سرعة جري الشخصية ضعيفة جدًا. كنت بحس إني بجري في رملة، وده زوّد التوتر، بس كمان أوقات حسيت إنه بيفقد اللقطة قيمتها.

أما الألغاز معقولة ومبنية على السياق. مرة احتجت أدخل كود بناءً على صور معلقة، ومرة تانية كنت محتاج أسمع تسجيل صوتي علشان أستنتج مفتاح سرّي. في كمان صناديق تذكارية Puzzle Boxes للي يحب يدور على كل حاجة.

بس أكبر مشكلة كانت في التوجيه اللعبة ساعات مش بتوضح أنت رايح فين. وده مش عيب كبير، لأن الضياع جزء من تجربة “العقل التائه”، بس في مناطق معينة كنت محتاج دليل أكتر.

الجرافيكس

Unreal Engine 5 هنا متوظف مش علشان يبهر لكن علشان يزعّج. العالم شكله واقعي، آه، بس متكوّن بطريقة مرعبة؛ أسلاك طافية في الهوى، بلاطات مكسّرة بتتكرر بشكل مزعج، إضاءة حمراء بتقلب بنفسجي من غير سبب.

الإضاءة هنا مش زينة دي بتتكلم. كل مرة تدخل مكان، نور المكان هو أول حاجة تحسسك إنك مش آمن. في مشهد لقيت نور فلورسنت بيدرب فوق دماغي كل نص ثانية، وكنت حاسس إني خلاص هتجنن وده كان المطلوب.

الشخصيات نفسها هتحسها جامدة شوية، حركتها مش طبيعية، بس ده مش عيب، ده مقصود. هما مش بشر، دول صور مشوّهة في عقل مضطرب، وده ظاهر جدًا في تصميمهم.

التقييم النهائي

8\10

KARMA: The Dark World مش لكل الناس، ومش هتقدّم لك رعب تقليدي ولا أكشن معتاد. دي تجربة نفسية خالصة، فيها بطء، فيها رمزية، وفيها لحظات هدوء ممكن تتحوّل لرعب خانق من غير ما تسمع صرخة واحدة. لو إنت من النوع اللي بيحب يستكشف العوالم المكسورة، ويغوص في العقول، ويفك شيفرات الرموز والحوارات الغامضة، ساعتها اللعبة دي هتكون وجبتك المفضّلة. لكن لو بتدور على قتال، أو وتيرة سريعة، فاللعبة مش ليك خاااالص.